هل كان (الفلاسفة) يصومون؟❗
- عرف بعض الفلاسفة القدماء الصيام، واعتبروا وسيلة لتهذيب الذات الإنسانية وأداة ناجحة لتحرير العقل الإنساني من الأوهام، ووسيلة للوصول لذروة الإتقان الذهنى والتخلص من طغيان الجسد، ولعل من القصص الشهيرة علميا هى صيام الفيلسوف اليوناني أبيقور 𝙴𝚙𝚒𝚌𝚞𝚛𝚞𝚜 كان أربعين يوماً قبل أن يؤدي الامتحان الكبير في جامعة الإسكندرية لشحذ قواه العقلية وطاقة الإبداع عنده.
- إن الصيام عند الإغريق القدماء كان مميزا لأنه وجد في بيئة يميزها التفكير الفلسفى بشكل أساسي، ولذلك في الأدبيات الإغريقية أجد أن كبار الفلاسفة كانوا صوامين، فــ سقراط 𝚂𝚘𝚌𝚛𝚊𝚝𝚎𝚜 كان كثير الصوم وأبقراط 𝙷𝚒𝚙𝚙𝚘𝚌𝚛𝚊𝚝𝚎𝚜 أيضا.
- كان أبقراط ينصح اليونانيين بألا يلجأوا إلى الدواء المادى إلا في آخر مرحلة من مراحل التشافى، ففي اليونان القديمة كان يعتقد أن يوم صوم أفضل من تعاطى العلاج بحسب ما أشار إليه المؤرخ اليوناني هيرودوس 𝙷𝚎𝚛𝚘𝚍، كما كان رجال أفذاذ مثل سقراط وأفلاطون 𝙿𝚕𝚊𝚝𝚘
وفيثاغورس𝙿𝚢𝚝𝚑𝚊𝚐𝚘𝚛𝚊𝚜 يعمدون للصيام للوصول لذروة الإتقان الذهنى والتخلص من طغيان الجسد، فكانوا يعنون بالصوم لأسباب صحية ونفسية وجسدية وفكرية.
- كان الصوم لدى ووردروث 𝙿𝚢𝚝𝚑𝚊𝚐𝚘𝚛𝚊𝚜المؤرخ اليوناني الشهير يرتبط بالآلة، فكان الصوم لأجل (جلب النماء والشجر والماء وللقحط والجدب)، أما فيثاغورس فكان يؤمن بأن الصوم قوة فكرية وروحية وجسدية، ولذلك عمد بعض الفلاسف القدامى إلى صيام أيام عدة متواصلة خلال السنة، وكانوا يعدون الصوم خلال أوقات معينة أحسن طريقة لتعليم النفس وتهذيبها كى تتحمل الشاق والعسير من الحياة، فصام فيثاغورس أربعين يوما، وكان مقتنعا بأن الصيام يساعد على العمليات الفكرية، وصام كل من سقراط وأفلاطون عشرة أيام.
- وتأثر 𝚃𝚑𝚎 𝙿𝚢𝚝𝚑𝚊𝚐𝚘𝚛𝚎𝚊𝚗𝚜 نسبة إلى الفيلسوف فيثاغورس الذين عاشوا في بلاد اليونان والرومان، وتأثروا بفكره يصومون بسبب الزهد والتقشف، اعتقادا منهم أن البشرية كانت في البداية في حالة من التكامل، ثم فقدتها بسبب الخطيئة والطغيان واعتقد الفيثاغوريون أن الإنسان لا يستطيع التقرب إلى العالم الروحى إلا عن طريق الصيام والابتعاد عن ملذات الحياة.
وفى عصر النهضة في أوروبا، أخذ علماؤها يطالبون الناس بالحد في إفراط تناول الطعام والانغماس في الملذات، ويقترحون الصوم للتخفيف من الشهوات الجامحة، والحد من الانغماس الزائد وراء الطعام والشراب، فهذا أحدهم "لودفيك كارنارو" 𝙻𝚞𝚍𝚟𝚒𝚔 𝙺𝚊𝚛𝚗𝚊𝚛𝚘 من البندقية يكتب بحوثا عن فوائد الصوم بعد أن مارسه واستفاد منه، وهو في الثالثة والثامنون من عمره، وكان مما قال: "يا إيطاليا البائسة المسكينة!! إلا ترين أن الشهوة تقود إلى موت مواطنيك أكثر من أي وباء ينتشر أو حرب كاسحة"، "إن هذه المآدب المشينة التي هي واسعة الانتشار اليوم، لها من النتائج الضارة وما يوازى اعنف المعارك الحربية".!