السبت، 27 أكتوبر 2012

هل مات (سقراط) لأنه فان ٍ

                                                 

هل مات (سقراط) لأنه فان ٍ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بداية - وقبل كل شيئى –ولكى تكن هنالك دهشة مما لم يعد يدهش أن تكون لدينا القدره على التجرد من الزمن الذى يمر ، بقدر أن نكون أحرار تماما ً ، لتذوق المتعه المتحرره من المسافه .
وأكثر من ذلك إذا أثرنا تساؤلا – نوعا ً ما مختلف – هل أن سقراط (470 -399) قبل الميلاد ، مثير للإهتمام بهذا القدر؟ ، سيما وأن نحو ٍ من 1600 دراسه نقد أكاديميه أحصيت أقبان الخمسينيات من القرن الماضى حول ما يعرف بـ (المسأله السقراطيه) ، بغض النظر عن هذا ، فإن الإجابه المرجوه بداهه ًً لن تسد رمقنا فى هذا الصدد ، بقدر ما تستدعى – وعلى غير ما كنا نحزر – معرفه من هو سقراط (؟)، أولا ً ، ؟ ونكون بذلك قد (تسقرطنا) لأقتفاؤنا منهجه المعروف بـ(نظام الحوارات)، كمن أين تأتى ال…/ وما هو ال…؟؟ - بخاصه - إذا كانت الإجابه عن أهميته قد قد أفضت بنا إلى تساؤلا ً، لايبدو معجميا ً صرفا ً- كمن هو سقراط ؟

 .
فى الواقع قد ظهر الرجل لمعاصريه كسر ٍ غامض ، كما إعترف بذلك إلكسيبياد ، بين حازوقتى نشوه ، فضلا ًعن أنه ولسبر غوره – لابد من أن نتعرف ، بالضروره ، على قراءت (زينفون) وحواراته وإفراطه فى مدحه ، إضافه لمسرحيات الكاركتورست الساخر (أرسطوفان) وتناوله اللازع له ولسلوكه على السواء الى ذلك نكون قد إنتهينا – لا إراديا ً- إلى فلسفه (إفلاطون) وإضافاته المعرفيه ، ومن ثم إن شأنا الاخذ فى الحسبان – أو لم نشأ - ما إنتهى إليه ، انضج ثمار النبت السقراطى ،(أرسطوطاليس) ، بالحد الأدنى للتعريف بالرجل ،وليس ذلك من كونهم من معاصروه فحسب ، وإنما ايضا ًمن واقع إنهم ممن كانوا من زمره ما يعرف (بحميموه) ، فما عدا (الارسطويين) ، فالاول (أرسطو فان) وإن كان من معاصروه إلا إنه لم يكن حميما له بحال من الأحوال على العكس ،فقد إتخذه مطيه لسخريته فى مسرحياته ، أما الثانى (أرسطوطاليس)– فقد ولد بنحو 5 سنوات مضت بعد حادثه شرب الشوكران (399) ق . م ، غير إنه أصبح – فيما بعد - أكثر السقراطيين سقرطه .


وسقراط - وعلى الذين يتعرفونه بشقه ، تتبع مدونات أخِصاء الزمره الصغيره(زينفون ،أرسطوفان ، إفلاطون) لما يمثلوه من كونهم حزمه (الوثائق السقراطيه) ، وحال هضم ذلك ـ وعلى عسره ـ سنجد بالنتيجه إننا تعرينا تماما ً أمام أنفسنا لجهلنا المركب ، حين كنا - فيما نزعم ـ إننا نعرفه، فإذا بنا لانعرف حتى إننا لانعرف إننا لانعرفه ،وربما هذا للتباين حد التضاد ،فيما نقلوه (منه /عنه) كل ٍ من جه ما يراه (حقيقى /مبجل) عند زينفون ، (مراوغ /خداع) إذا أسأنا الظن كأرسطوفان ، ( متحفظ /كتوم ) أذا جارينا إفلاطون وأرسطو ، أوربما (ليس شيئاً) إن صدقناه - أى سقراط -، أو أقل ، ما يبدو أنه يفكر ، ولا أدرى إكان هذا تواضعا ًمن حكيم دمث ! أم إنه إستخفاف من مغتر واثق !ربما بالإمكان القول إنها حيله كحيل المتناقضادات التى إجترحها وورثها منه – فيما بعد – إوبوليد مخترع متناقضه الكذاب الشهيره (إنسان يقول إنه يكذب !، فهل بذلك يقول الحقيقه أم الباطل ! ) ، التى ماتزال شغل إختصاصى علم الدلاله الشكلى الشاغل ، ونحن فى ذات الوقت فى مأزق !فمنذ البدايه لدينا سقاريط (جمع سقراط) كثر ومتقاطعين!، كما إنه ليس من الحكمه مطالبه أبناء مختلفين بالأب ذاته .


ولكن - بالنظر، تجوزا ً- فى بطاقته كأثيينى وهى الأكثر لزوجه مما سواها ، يمكن القول إجمالا ً: إن هنالك مواطن أثيينى يدعى سقراط ، إبن عامل النحت (سوفورنيسك) والولاده (القابله)(فيارنيت) ، متزوجا ً بـ (زناكتيب) وأبا ً لأبنائها الثلاثه (لامبركلس ، سوفونيسك ،لينكسين) ، هذا وإن نًسبت بعض الروايات المتناقضه زواجه بـ (ميرتو) دون تحديد ،أكان زواجه بها قبل(؟)،أو بعد(؟) أم فى الوقت ذاته لزواجه المعروف(!) . فمهما يكن من شيئ ، فإن ذلك ليس بتعريف ٍ سيئ للرجل ، غير إن الأثينيين وحتى اللحظات الأخيره وهى الأكثر إرباكا ً، لم يتفقوا على شيئاً حول الرجل، إلا(أن/فيه) شيئ مختلف ، ويمكن قراءه ذلك بنحو : أن سقراط نفسه شيئ مختلف ، أو أن فيه من ذلك شيئى ، دون الأخرين (!).


وبالرجوع الى محاضر الحاضرة في تلك الإقبان ، وتحديد ا ً ، في آزار العام(933) ق.م ، وضع شاعر شاب (تافه) وإسمه (ميلتوس) بين يدى الملك الحاكم العام الأول الإدعاء التالى إن سقراط مذنب بكونه لايعترف ، بالكثير ، من آله الحاضره ،وإنه قد أضاف اليها آله جديده ، وهو مذنب كذلك لإفساده الشبيبه والعقوبه المطلوبه الموت).
فى الواقع – إن القانون الأثينى يكفل لأى أثينى حق إتهام أحدهم شريطه دمغ ذلك بدليل أو التأكيد بحلف اليمين، ولم يكن ميلتوس ذلك الضعيف الا واجه لمؤامره دبرها النافذ السابق (أنيتوس)أحد الرؤساء الشعبيين لأصلاح الدمقراطيه ، إذ أمره الخطيب (ليكون) بتحرير شكوى فى حق سقراط ، كما ان انيتوس لم يقدم على ذلك بنفسه مباشره ، كونه غير واثق,
كثيرا، ًُمن النتيجه أو ربما مهابته ثقل الرجل فى التكوين الاثيينى ، وقتئذ، وهذا لمشاعر ما إنفك يحملها لعدوه (فيما يضمر)الحميم (فيما يظهر)، للتخلص منه .

وبالنظر ـ مليا ً- فى مفردات الشكوى، وعلى وجه التقريب ، فقد كانت المفتاح العمومى للتخلص من مثقفين مزعجين – والإتهام بوجه عام يكون( الالحاد) وهو الاخطر بالنسبه للتكوين الثينى ، حتى وإن لم يأخذ بحرفيته كأن يقال (ملحد) ما يوازى (منشق/متطرف)فى أيامنا هذه.فالاسلوب ذاته قد استخدم ، من قبل ، مع استاذه عالم الطبيعه (أناكساغور) –على سبيل المثال – وهو احد السابقين لسلوك الفلسفه لم اتهموه بتجريد (الشمس والقمر) من قدسيتها وهما آله الحاضره فيما زعموا!، حين وصفهما بكتلتين مشعتين ليس الا (!) وبالرغم من مسانده (بريكليس) له ، والمطلع بدور سياسي مسيطر باثينا، حُكم بالنفى ، وقيل فقط ربما كونه اثيينى بالمواطنه ، وياتى من بعده (بروغراس)افضل ممثل للانوار والمتهم باللااراديه ، وكذلك (باغوراس)الاكثر مظلمه والمتهم صراحه بالالحاد ، وسقراط يجد مكانه بالقائمه ليس كسفسطى مذعج وحسب وانما مثقف غير مرغوب به ،وليس لشيئ اقترفه سوى فكر متقدم عما كان عليه وعى الحاضره ليلاقى المصير ذاته، الموت كما طلبت الشكوى - أو النفى بالقليل . وهكذ العادة ـ كل فكره مخنوقة عبر التاريخ ليصبح كل مثقف من جريره افكاره ملاحق ، كما ان القائمه تطول وان حدها جهلنا.
وسقراط وان ادرج بالقائمه الا انه لم يكن سفسطى او فيلسوف بالمعنى الجاهز للمفرده – الذى نعطيه للتعبير، والمختزن فى وعينا الحاضر – بالقليل –وان عاش كجؤجؤة لكليهما، كيف لا ، وهو المزدان فى نظرالفلاسفه بفضائل طوطم وقت إن كانت المعرفة والحكمة تؤخذان منه وعنه (الفلسفه:كلمه يونانيه مشتقه من فيلوصوفيا وتعنى محبه الحكمه وطلب المعرفه).وسقراط بالفلسفه كان اكثر ارتباطا بأثينا بيد أن أثينا بسقراط أصبحت أعمق ارتباطا باليونان.


لم يفسد سقراط الشبيبه – كما فى الدعوى ـ ولكن قيل ذلك ليكون سقراط بمثابه الخطر المحدق بالنسبه لسلامه التكوين الثينى الاجتماعي حال إن رفضت الشكوى : ان عمليه الحفاظ على التكوين الاثينى بكل ما يحمل ، كان جل ما يهجس الحاضره الاغريقيه جنبا إلى الحملات العسكرية عليها لذا كانت تعمل جهد طاقتها لان يكون معاف ٍ لتطلع بدورها المناط بها كمركز حضارى– وقتذاك للكون.
لذلك كان كل شيئ يراد تهويله (تسيسه) يربط بنحواً ما بسلامه النسيج الاجتماعى الاثينى - وكيفما اتفق.
واثينا من دورها المناط بها قياده الكون ، كانت تقول : يجب ان يتحلى الناس بالفضيله (!) – كغايه ما تود ان تصل اليه –وسقراط يتسال مان اين تأتى الفضيله (؟)، واثينا تقول اكتف بالقيام بواجبك (!) ، ، وسقراط يتساأل ما هو الواجب(؟)، واثينا تقول يجب ان...(!)، وسقراط يقول ماهو ال...(!) ، والنقاط الثلاثه ليس لمحزوفٍ ما وانما امتداد لما كانت تحثه عليه اثينا من قيم فاضله وغايات نبيله. غير ان سقراط ولكى يصل للمعانى الحقه لتلك القيم المنشوده من قبل الإثنيين – كان يضع فرضيه الريبه كأساس ومبدأ جدلى للوصول لليقين وذلك بإسلوبه الثرثارى الممتع والمستفز فى آن(نظام الحوارات) !.
وهو حين ذاك - وان كان لا يرجو اجابه من أحدهم - كان يختار محاوره بشكل دقيق ، فمثلا ً ، لما كان الموضوع المثار التقوى ، فإن الأجدر بالمحاوره الكاهن (أوثفون) وسقراط يلتقيه عند درجات قصر العدل ـ بصدفه اللقاءات ـ ولعثر حظه كان يلاحق اباه بجريمه قتل اقترفها فى حق غلام له _ ولنر ان كان ذلك من التقوى فى شيئ (!) – بخاصه ان عُلم ان القتيل بوجه عام ليس الا مرتزق فتكون المحاوره من قبل سقراط لأثفون كالتاليتظن انك تعرف تماما ً- يا اثفون – احكام الآلهه فيما يتعلق بما هو تقى! وما هو غير تقي(؟)،وكونك تخشى بدورك ان تقترف عملا ً غير تقى عندما تنوى القيام بذلك فى حق ابيك(!) ومن خلال هذا ، ودون المساس بوضعك ـ كقسيس ًـ قل لى ماهى التقوى(؟؟)). ليرتبك ضمير الكاهن عاثر الحظ متوهم التقوى ، متقهقرا عما نوى(تصور كم ثبط هو عزيمتى حين اتبين رغم اعمالى السابقه ـ كونه قسيسا ً- انى لا اعرف على وجه الدقه ما يمكن ان يكون اجابه لتساؤلك!!)، وسقراط منتصبا ً للوراء ـ كعادته ـ غارقا ً فى تأملا ً ما، وُمأثرا ً فى محاوره بعد ان ايقظه (كنعره ) وشله (كنسيفه) ـ على سبيل إستعاره التعبير من إفلاطون.،هذا وأثفون يمثل رأس الهرم الدينى والمثل الاعلى للتدين ،والممثل الشرعى للآله بالحاضره، هاهو كمارأيتم ـ ويجدر بى التسأؤل :هل نحن فى الحقيقه دائما ً كما نبدو عليه ؟!. ولا يأبه أحدهم سواء اتفقنا او اختلفنا !.


مهما يكن من شيئ ، كاعتبار ان الأفكار خلقا ً جديدا ً ، تضبط الإعتقاد تماما ً كالآله، اين المفسده ياترى ـ بخاصة ـ إن كانت هذه الافكار وحال تداولها ، (نظام الحوارات) قد خرجنا بعلم جديد ـ البيداجوجيا (علم التربيه).
هذه الثرثره التى نكس بها سقراط رأس الكاهن وفى أعز ما يعرف
مارسها ايضا ًمه مدرب المسايفه بالمعهد الرياضى وابنا عائله (لزماك)العريقه لم اوفدا ابنيهما لتعلم المسايفه بغيه ان يكونا شجعانا ًـ فيما تدعو اثينا ـ وسقراط ساعئذ متسكعا ً بالجوار دون اعلام مسبق فيصبح طرفا فالموضوع : تريدان تعلم المسايفه لتكونا شجانا ، وما أدراكم ذاك ؟ان المسايفه تجعل من المرء شجاعا ً، اليس بالشجاعه يصبح لدى المرء قدره على المسايفه ـ انظر لذلك التشكيك الخبيث !ـ، ويواصل ثرثرته متسائلا ً ما هى المسايفه / ومن اين تأتى الشجاعه؟ ثم ما لبث ان انصرف ! تاركا الجميع في محك ـ ما هى الشجاعه؟ وهذا مايريده بالضبط ، الشجاعه بمعناه المجرد لا المتوهم كمفهوم وهو الراسخ فى ازهان الاثنيين، فى الواقع ان اكثر الدبلومات تألقا ًلن تجعل من وضيع ما ذا فضيله ، ما لم يكن كذلك.
قد يتحازق احدهم بالقول : اليس مفسده ان يعق (أرنسيب دو سيرين)والده ويفر والسبب سقراط ـ الفقره الثانيه من الشكوى(إفساد الشبيبه) ،ماإضطر والده عرضه للبيع كعبد ان لم يطعه. ظاهريا قد يكون مصيبا ًولكن ان وجد الفتى حلو المعرفه ولذه الحكمه من مصاحبته سقراط حت قال لأبيه: (انظرنى قليلا ً..حتى اصبح افضل من ذى البارحه ليكون ثمنى أعلى ً من اليوم ) سيتبين ، جوهريا ً ، انه ليس مفسده سيما وان عٌلم انه مؤسس مدرسه السيريين ـ فيما بعد ـ ونسبها لوالده دو سيرين.
سقراط لم ينفك من هذا السلوك (نظام الحوارات) فيمارسه مع / على الأثنيين ، فى معهدهم الرياضى ،والأغوار ،والاسواق حال زحامهاـ يتجول بينهم متسائلا ً: هل من جديد؟ـ وهذا دابه ـ وذلك لأجل أصلاح كل ما هو أثينى بالإستداره عليه ماأثار عليه حنق حكومه عصبه (الثلاثين) الطغاة، بفكره المتقد وسلوكه المٌُنتقد.
ولكن ، وبعد ما إطلعنا على شيئ من ذلك السلوك، كيف يمكن ـ ودون رعونه ـ تقبل الاخلاق كفكره ـ بالأحرى ـ من تعاطينا لها كمعرفه، سيما وإن نبل الاخلاق من ملزمات الفضيله.
رغم ما قيل ، قد حاز الرجل على قلوب الشبيبه قبل غيرهم من الاثنيين، انظر (أنستين) بالرغم من انه ليس من سكان الحاضرة إلا انه أصبح ممن عمر الصف الاول مما يعرف بحميموه، إذ كان يقطع 16 كلم ذهاباَ وإيابا ً من(فييري)على قدميه يوميا ً ليسمع فيستمتع فى حضره سقراط.
وكذلك (فيدرون)الذى وعده بقص خصلات شعره المنسدل على كتفيه حدادا ً عليه ان اصابه مكروه، ويكفى استدلالاً على تلك المحبه قصه الفتى الارستقراط الحموق
(الكسبياد)الذي أنعتق من دعه الطبقه الراقيه ليعتنق الفلسفه التى اخذها عن سقراط بعد ان انقذ حياته فى معركه (دبيليون424)من الموت المحقق.
فوق ذلك كله وضعت هيئه المحلفين القضاة توقيعها على مذكره(ميلتوس)الموت للمواطن سقراط بان يشرب منقوع النبته السامه (الشوكران). مانحه المتهم فرصه الدفاع عن نفسه وتبرئتها .
في وقت ماانفك اخصاء الزمره السقراطيه (حميموه) يصرون عليه توكيل محام ليناهض الدعوى والحكم ، اوان يكتب مرافعته بنفسه، وهو الذى لا تنقصه الحيلة والحزاقه فضلا عن الخبث فى حبكه الحوار لدرجه نه يربك محاوروه ـ غير ان سقراط فى كل مره كان يرفض ويحزر من المكتوب وبشكل كبير ـ لأسباب يطول ذكرها ـ ربما لانه أثر إسقامه أسلوبه على كرامه خلوده (خلود الاسلوب) وهذا على عكس مايروج له ()على مدوناتهم هذه الأيام .
وبالرجوع اللمحاكمة وفى الوقت الذى كان ينتظر فيه من سقراط التماس حلم وعطف هيئه المحلفين الـ(501)ـ وهكذا العادة ـ كيمها يحصل على حكم مخفف او غرامه مرتفعه بالقليل، عمد على تلقين المحكمه وهيئه الأتهام دروسا ً فى الاخلاق والمواطنة ، فيما قيل ، مبددا ً بذلك فرصته فى الدفاع عن نفسه.
ثلاثين يوما ً كانت بين الحكم والتنفيذ ـ لامر يتعلق بالرزمانه الدينيه ـ استغلها حميموه لتمكينه من الهرب وقيل ان القضاة والاتهام معا ً كانوا سيتساهلون حال الشروع فى تنفيذ الفكرة لطالما أرادوا التخلص منه باقل اثر (رده فعل) ذلك كون الاثنيين يعرفون اضطرابات مابعد العيد تماماَ
غير ان سقراط وفى كل مره يرفض الفكره جمله واطاقا ً وقد ارتضى الحكم بغرابه وشغفلقد حكم على الاثنييون ،فمن الواجب ان اكون امينا على قانونهم)فهو الاكثر هييلينيه من اثينا ـ الى اين سيهرب ياترى ـ والعلوم والمعارف تتقاطر امام حاضرته من لم يولد بها كرس لنفسه اقامه دائمه بها :المؤرخ (هيرووس) والمهندس المدنى (هيبوداموس)والطبيب (هيبوقراط) والمتقدم الذكر اناكساغور وغيرههم من الاساتذه الجوالون المسون هراطقه، وإن هرب ! تر اى شيئ سيكون سوى تايه ، والحق يقال ، كيف تنفك اثينا عن هييلينيتها.
ظل فى السجن بشكل راس ٍولما طفح بهم زرعا ً (من زمرته) مارس أسلوبه ذلك عليهم
: أتدرون لما أنا هنا؟ حسنا ً قد يقال لان جسدى مكون من عظام وعضلات والعظام صلبه ، ولها نقاط التقاء تفصل بعضها البعض فى حين ان العضلات تتمدد وتتقلص ، واللحم يغلف المجوعة والجلد فيما بين ذلك يثبتها ، وبالتالي ونسبه لتذبذبهما ـ اى العظام ـ حين دمجهما ، فأن تمدد العضلات وتقلصها يجعلاني قادرا، مثلا ، على ثنيي هذه الأعضاء ، هذا هو السبب الذي من أجله أنا جالس في هذا المكان ملتويا على هذا الشكل(!)، فيزيائيا الأمر صحيح ـ وبقدر ماهو مضحك كتفسير ، إلا إن الأسباب كما تعلمون في مكان آخر .
يحمد اللغويين السابقين أن اخترعوا مسميات جاهزة لكل سلوك ووضعوها تحت الطلب ،وبالتالي ستكون (تهكم) هي الأمثل ، ولكن هل هذا التهكم الذي يربك مفسره المعاصر حقيقي (!) أم مصطنع(؟).
استنادا لما تقدم ـ هل بالإمكان القول إننا تعرفنا على الرجل حين كان التساؤل:من هو سقراط ؟ ،أو بالقليل ،الحصول على ما يمكن إن نرضاه كاجابه لـ (ما هو؟).
واى كان ، أهوهو ما نستطيعه (!) ،وفى الحال ، كيف يمكننا الفكاك من غزل ما انفك ينسجه ـ حتى بين أنامل الأسلم نية ممن اقتربه أو اقتفاه ، ودونكم الحذاق من البحاثة ساعة يخرجون من تحت أطنان الفرضيات والآف القراءات التي تإط منها أرفف المكتبات حيال الأمر عينه (سقراط وسلوك سقراط)مدرعين بزريعه واهية مورست من قبل مع شاعر الالياذه وهى : هل لهذا السقراط حقيقة بمثل هذه الاهميه (؟!) ، هذا ودون تناقض ما ،بعد إن ترك الجميع في محاوله أعاده قراءة وصيه روحيه (معنوية) لم يتركها،وليس ذلك بوازع الضرورة وحسب وإنما إلى ذلك ما حض عليه ولفر في مدونه (سقراط) والذى ترجمه قاضى! ، هذا إن استطعنا قراءة الوفاة كرسالة .
قد نخلص بالقول ـ دون تلغز ـ إن سقراط هو من أراد الموت(!) وليس أثينا من اعتطه ا لسم ، فقد أجبرها على أن تسقيه منقوع النبتة السامة (الشوكران)! بل هو من أعطاه لنفسه ليتجرعه وهويسيقه كمشهي !، ليصبح الخرافة بعد أن كان الاسطوره، ونحن نقرأ ما كتب في المناسبة من شعر ، وكونه يروي الخاص ـ اى الشعرـ على عكس التاريخ ، تمسك الاثنيون ـ وليس ذلك لسبب ما ـ بالمقطع التالي :ـ
كل الناس فانون
والحال إن سقراط إنسان
بالتالي سقراط (لامناص)فان ِ!
ـ المقطع الذي أصبح كالمثل المدرسي كدلاله على موت الرجل !، ولكن ياترى لماذا أراد
سقراط أن يموت(؟)، وفى الوقت الذي بلغ فيه بسلوكه الاصلاحى الـ (فلسفي /اخلاقى) أوجه ـ ليس على الصعيد الذاتي وحسب وإنما على مستوى الحاضرة بوجه عام.
هل لان موته كان فصلا من ذلك السلوك المربك (المنهج) ؟، أم انه ـ أى سقراط ـ كان يؤمن بخلود الروح ـ فيما أثر عنه (؟)،أوهل ...(؟) ،وربما...(؟؟).
هكذا سقراط دائما ما يضع محاوريه المباشرين (القرن الخامس ق.م)عند نهايات مفتوحة ومعممة أكثر من ذي بدأ ، فما عسانا نحن (القرن الحادي والعشرين)، وبعد كل ما قيل!.فهو تماما كالحفرة وليعزرنى الجميع ـ فكلما أخذت منه ازداد عمقا وعتمه ، ثم ما تبت إلا يداك.
مهما يكن ـ فسقراط ـ وبكل ما كان عليه (من شيء)إلا انه ليس إلا رجلايتجلس على عجيزته (عظم المؤسسات)إن أراد ، ولكن هل مات لأنه فان ِ (؟)

yasir ali aburfas
oct 2007

أثر الهواء على أخلاق البشر

 [url=http://apap.ahlamontada.com/t9722-topic]

مُساهمة
ثمة علاقة وطيدة أوجدها صاحب فلسفة التاريخ عبد الرحمن بن خلدون فى سفره ( كتاب العبر وديوان المفيد أو الخبر فى أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذى السلطان الأكبر ) المعروف إجمالا ( بالمقدمة ) .
وجد أن أهل السودان ( أصحاب البشرة الغامغة عموما ) فيهم من الخفة والطيش وكثرة الطرب أكثر مما فى سواهم من البشر .
وألتمس ذلك من ولعهم بالرقص على كل توقيع ووصفهم بالحمق فى كل قطر , ويقول ( إن طبيعة الفرح والسرور تلك هى بإنتشار الروح الحيوانى وتفشية من تفشى الحرارة فى الهواء ( الجو ) كما أن البخار مخلص لها وزائدا فى كميتها ـ أى الروح الحيوانى ـ لهذا يجدون فى أنفسهم من الفرح والسرور ما لا يعبر الا به.
وعلى العكس من ذلك يرى إبن خلدون أن اؤلئك الذين يقطنون المناطق الباردة إن أرواحهم أكثر ميلا إلى الإنقباض والتثاقل ومخافة العواقب ـ والرجل يسوغ نظرته لهذه العلاقة بين الهواء وأخلاق الناس متصورا ما تفعله الخمر لمتعاطيها فإنه تتبعها ساعة نشوة عند تفشى بخار الروح فى القلب من الحرارة الغريزية التى تخالج مزاجة فتنتشى روحه ( أى كانت لون بشرة جسده ) فتحيا بطبيعة الفرح والسرور والنشوة .
كما أن مقدار سطوع الشمس وتأثيرها على لون البشرة بدرجة حرارتها يعزز نظريته هذه , ولما كان أهل السودان يعمرون الإقليم الرابع ذو الحرارة المرتفعة وسطوع الشمس الدآئم فهم أقرب حالا مما ذكر من فرح وسرور إلى أيضا عدم إكتراث ولا مبالاة بالعواقب .
ويمثل إبن خلدون لذلك ( أثر الهواء على أخلاق البشر ) يمثل له بدخول أحدهم الحمام بغية الإستمتاع بحمام مريح فإنه وماإن تلامس حرارة الهواء روحه فتشحنها لغاية أن تصبح حرارة بدنه أعلى نسبة من حرارة روحه ( مؤقت داخل الحمام ) فإنه يجد من الفرح والسرور (عرضا ) بما لا يعبر عنه إلا إرتياح وإنبساط وخفة روح وفى أحيانا كثيرة يصدح بلا إرادة بالغناء الناشئ من قبطة تلكم الحالة .
فمعمروا الإقليم الرابع تكون حرارة أمزجتهم وأرواحهم من حرارة أبدانهم ( بالطبيعة ) فتتفشى فيهم خواص الإسراع إلى الإنبساط والمرح ولذلك هم للطيش حينئذ أقرب منه للحكمة إثر ذلك .
وأقرب البشر حالا بأهل السودان أهل بلاد البربر من سكان مصر وذلك لأن هوائها مضاعف للحرارة بما إنعكس من أضواء سطح البحر وأشعته على أبدانهم فيؤثر ذلك على أرواحهم وأمزجتهم خفة وسرور .
وعلى العكس من أؤلئك وهؤلاء نجد أن معمرى التلال الباردة من سكان أهل المغرب مطرقين أطراف الحزن ومطأطئين فى النظر إلى العواقب حتى أن الواحد منهم ليدخر أقوات عامين قادمين من حبوب وحنطة ثم يبادر للأسواق لشراء قوت يومه هذا مخافة أن يرزأ شيئا من مدخره .
وإختتم إبن خلدون تدوين ملاحظاته فى هذه العلاقة فى خفة أرواح أهل الإقليم ذا الحرارة المرتفعة بتفنيد أقوال سابقيه ممن تناولوا الأمر قبله كـ ( المسعودى ويعقوب بن إسحق وما نقل من جليانوس والكندى ) حينما ذهبوا يسوغون خفة الروح وطيشها إلى ضعف أدمغة أؤلئك البشر ليس إلا , معلقا عليهم بقوله ( بأن ذلك كلام لا محصل له ولا برهان فيه ) .

• من مقدمة إبن خلدون