الإجابه عن هذا السؤال تحينا الي تساؤلات فوريه مُلحة كـ : (من نحن وماذا نريد؟)
حسناً ..
في أواخر القرن الأول الميلادي طرح فلوطرخس (𝚙𝚕𝚞𝚝𝚊𝚛𝚌𝚑) في كتابه (حياة ثيسيوس) قضية فكرية متناقضة و ثرة متسائلا :
عما إذا كانت السفينة التي يتم استبدال كل جزء منها , تظل نفسها هي ذات السفينة أم لا.؟
يزكر ان ثيسيوس (𝚃𝚑𝚎𝚜𝚎𝚞𝚜 𝙰𝚎𝚐𝚎𝚞𝚜) هذا
كانت له سفينه تم حفظها من قبل الاثنينين في مُتحف لخليدها إكراماً لما صنعه بها من ملاحم وبطولات سابقه بالحاضرة , طالت المدة وأصبحت ألواح السفينة تتآكل مع مرور الزمن بينما القائمين علي أمرها ـ وعلي سبيل الترميم ـ يستبدلون كل لوح تلف بآخر جديد ـ حتي غدت ذات يوم كل ألواح السفينة ليس هي ذاتها التي صنعها ثيسيوس(𝚃𝚑𝚎𝚜𝚎𝚞𝚜) ,
فيما بعد هذة القصة أثارت حفيظة عقول المفكرين لتصبح معضله فلسفية واجبه التحليل والحلحلة.
انقسم المتعاطين وياها الي :
ــ هنالك من يري أن السفينة المرممة كلياً والموجودة بالمتحف هي ليس بذات السفينة القديمة , بمسوغ أن ليس من المكونات القديمة "الألواح" موجود ضمن المكونات الجديدة هذة.
ـــ بينما ذهب آخرون الي ان السفينة هي ذاتها سفينة ثيسيوس( 𝚂𝚑𝚒𝚙 𝚘𝚏 𝚃𝚑𝚎𝚜𝚎𝚞𝚜) ولكن بعد الترميم.
ومازاد الطين بله ,أن طرح احدهم وهو الإنجليزي(𝚃𝚑𝚘𝚖𝚊𝚜 𝙷𝚘𝚋𝚋𝚎𝚜) تساؤلاً ـ أراه منطقياً بمثل أنه وجيه ـ ماذا لو تم صناعه سفينة بذلك الخشب التالف تشابهه السفينة المرممة القابعه بالمتحف, فإي السفينتين هي سفينة ثيسيوس (𝚂𝚑𝚒𝚙 𝚘𝚏 𝚃𝚑𝚎𝚜𝚎𝚞𝚜)؟
منطقية هذا السؤال كونه وضعنا في مفاصله بين (هويتين) لذات الشي .! بيد أنهما منفكان زمانياً
كان هرقليطس (𝙷𝚎𝚛𝚊𝚌𝚕𝚒𝚝𝚞𝚜) ومن بعده أرسطو (𝙰𝚛𝚒𝚜𝚝𝚘𝚝𝚕𝚎) قد أثارا حواراً حول : علي إي شيئ نستند في نسب هوية الشيئ؟
فأرسطو كان يري أن "ماهية" الشيئ تعتمد علي أربعة عوامل :
(1) العامل المادي ( 𝙼𝚊𝚝𝚎𝚛𝚒𝚊𝚕 𝙲𝚊𝚞𝚜𝚎) : وهو المادة المصنوع منها الشيئ
(2) العامل البنائي (𝙵𝚘𝚛𝚖𝚊𝚕 𝙲𝚊𝚞𝚜𝚎) : وهو ما يتعلق بالشكل والتصميم
(3) العامل الفعّال (𝙴𝚏𝚏𝚒𝚌𝚒𝚎𝚗𝚝 𝙲𝚊𝚞𝚜𝚎) : وهو القوي التي ساعدت في صناعه الشيئ.
(4) العامل النهائي(𝙵𝚒𝚗𝚊𝚕 𝙲𝚊𝚞𝚜𝚎) : وهو الغرض من صنع هذا الشيئ.
غير انه ـ اي أرسطو ـ كان يعول كثيرا في اعتماد نسب هوية الشيئ علي العامل الثاني "البنائي" اي شكل الشيئ مستنداً علي تصورات "مثال هرقليطس عن النهر" : ( يظل النهر نهرا حتي ان تغير العامل المادي ـ استبدال الماء بسائل اخر مثلاً, ولو تغير العامل النهائي ـ كاستخدام الناس له في اغراض اخري مختلفه ـ و ذلك لان ما يجعلنا ان نعتبر النهر , نهر هو شكله وتصميمة, فاذا إختل هذا الشكل سيتغير من كونه نهر الي إي شي اخر ـ كبحيرة بركه الخ.. )
اذا تم تطبيق هذ المثال الهرقليطيسي علي سفينة ثيسيوس
(𝚂𝚑𝚒𝚙 𝚘𝚏 𝚃𝚑𝚎𝚜𝚎𝚞𝚜) هذة . سنجد أن السفينة المرممة وأصبحت جديدة كلياً هي ذاتها سفينة ثيسيوس (𝚂𝚑𝚒𝚙 𝚘𝚏 𝚃𝚑𝚎𝚜𝚎𝚞𝚜) بسبب عدم تغير عاملها البنائي "شكلها وتصميمها" حتي وإن تغيرت العوامل الآخري كـ العامل المادي. "الالواح المصنوعه منها السفينة قديماً." مثلا.
علي الرغم من ان رأي هرقليطس وأرسطو كان منطقياً إلا انه هش .. لا يصمد اذا ما طبقناه ـ مثلاً ـ علي :
(*) شركة غيرت نشاطها وإدارتها وإحتفظت بذات الاسم, هل بذلك هي شركة جديدة؟
(*) لو تم تغير الادارة والإسم مع الإحتفاظ بالنشاط, هل هي ذاتها الشركه القديمة؟
بطبيعه الحال ليسنا بحاجة لإجابه السؤالين في التحولات اعلاه بقدر ماهو ضروري تحديد ماهو العامل المادي والعامل البنائي في هذة الحاله.(!)؟
كما هو بائن إنها معضلة بحق متناقضة , إستمر الجدال فيها حتي عند فلاسفة العصر الحديث الذين اتخذوها كـ نموزج مجازي لــ(فهم /تحديد) مفهوم "الهوية" بشكل عامل و عند الانسان بنحو خاص.
وهنا مربط أشرعتنا ..
إستناداً علي ما تم إستعراضة
ومن واقع كونك إنسان (يخضع لعوامل أرسطو الاربعة تلك , ويمكن تطبيق مثال هرقليطس عن النهر فيه)
و في سبيل تحديد هُويتك ومعرفة ذاتك ووفق متغرات مكوناتك (شكلك و مشاعرك وأفكارك ,زكرياتك ,مكانك والغاية التي أوجدت لها. وأفعالك .. الخ) ماذا لو تغّير أحد هذة الأشياء أو أكثر عما كان عليه أو فُــقد بنحو ما , هل سيؤثر ذلك (علي/في) هُويتك؟
وإي شيئ من هؤلاء تراه الأكثر فاعلية في تحديد ذاتك او نسبه هُويتك الية؟
وليس بعيداً من ذلك ..ما الشئ الذي ينقصلك لتكون أنت, أنت؟ , أو الشيئ الذي إن (تغير ـ فُــقد) لم تعد انت ذاتك؟
في مقال لأستاذ علوم الحاسبات نوسون يانوفسكي (𝙽𝚘𝚜𝚘𝚗 𝚈𝚊𝚗𝚘𝚏𝚜𝚔𝚢) تناول معضلة سفينة ثيسيوس كغيرة من فلاسفة العصر الحديث في (تحديد/فهم) مفهوم الهوية ولكن من ناحية مختلفه تماما ـ
فتساؤلاته كانت تغوص في إمكانية الاتفاق علي تحديد مايمكن ان تكون عليه "سفينة ثيسيوس" إستناداً علي معطيات موضوعية .
كـ ماهي (𝚂𝚑𝚒𝚙 𝚘𝚏 𝚃𝚑𝚎𝚜𝚎𝚞𝚜) مثلا .
فإن التباين الصارخ شكل طريقة آخري قبليه في تراتيبية الاجابه للسؤال (من نحن وماذا نريد؟) ففي حين كان يعتبرها. ـ السفينة ـ بعضهم انها "إسطورة" كان هنالك من لا تعدو نظرتهم إليها ليس إلا كومة "أخشاب قديمة", وأخرون يرونها "قيمة تاريخية", وغيرهم يجدونها ذات "تصميم جميل" وحسب , في المقابل من أولئك من لا يهتم للأمر بحال.
والرجل. ـ (𝚈𝚊𝚗𝚘𝚏𝚜𝚔𝚢) ـ حين يطبق هذة المعطيات علي "هوية" الانسان , يخلص بالقول ان "هوية" الانسان ليست بالشيئ النابع منه "أصيلة", كما إنها ليس فقط من صنع العالم الخارجي "مكتسبة" الذي يوجد فية , لنجد أنفسنا أمام سؤال جوهري جداً. كان يُجهل أو يتعامل معه بوعي جمعي قد يحزم او يفك وثاق أشرعتنا .
ففي سبيل الإجابة عن السؤال : من نحن (الهوية) أصبحنا بحاجة لمعرفة : ماهي "الهوية" أولاً؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق