أشعر بحكاك بين صدغي كلما حملتني رغبة إلي الكتابة، فالكتابة واحدة من أروع تراويح النفس. إنها كــ (دلو) يغمس في أعماق الذات لتفرغ من الدواخل مما تريد ومما لا تريد على السواء، وتطرحه فرحاً أو كرهاً. ثم ما تلبث أن تنشرح أساريرك - أو تبت يداك!
الأمر أشبه بـــ(استدعائك القئ من أعماق جوفك بفرشاة أسنان حين يدهمك طمام استعصى عليك استفراغه) . غير أن ما يُعول عليه حيال ذلك في أغلب الأحيان - إن لم يكن لزاماً - هو ما يمكن وصفه بـــ "وظيفية النص". مقدرة النص على تحقيق "الغرض" من كتابته.
أحالتنا إلى اتجاه مغاير تماماً لم يكن بالحسبان ساعئذ وهو "الغرض". فالغرض يشكل "وظيفة النص"، وهي - أي الوظيفية - وإن أُطِّرت باستفهام "كيف ولمن" تكتب، فإن "الغرض" يتجاوز إطار السبب في "الشكل" والـ"كيف " في حصر الظواهر والتجربة.
وظيفية النص، وإن كانت همزة وصل بين الكاتب والقارئ بحساب كونها حاملة وناقلة المضمون، إلا أنها فيما يلي- الاتصال الذاتي (𝙸𝚗𝚝𝚎𝚛𝚗𝚊𝚕 𝚌𝚘𝚖𝚖𝚞𝚗𝚒𝚌𝚊𝚝𝚒𝚘𝚗) الكامل - تفقد لزوميتها بالنسبة للنص لتترك "الغرض" يكابد البقاء حيز الوعي المنساب منه والمناسب له! فكثيراً ما أكتب (لا) لأجل شيء ما أو لمتلقي محدد ، ولكني أفعل، ويكفيني من ذلك إيجاد تواصل داخلي جيد، وإجادة إدارته.
فالوعي بما يمكن الإخبار عنه من ظواهر وتجربة وإن بدا في ملمحه فينومينولوجي (𝚙𝚑𝚎𝚗𝚘𝚖𝚎𝚗𝚘𝚕𝚘𝚐𝚒𝚌𝚊𝚕) بحت، إلا أنه بالتحقيق يمكن تعميمه برضا مريح - حين يدلق، إذ لا افتراض لواقع مستقل عن الإدراك بذلك.
لتكن قصدية "الغرض" موجهة بالأساس بتوجيه الوعي نحو شيء أكبر في تصوره ، والحال هو كذلك: "كل حالة وعي هي وإدراك بشيء محدد" يصف الظواهر كما هي عليه في واقعها أولاً، وكما إنقدحت بالوعي - ليس بمعزل عن التجربة الذاتية الناضجة - دون محاولة تحليلها ـ الظواهر أو إيجاد تفسيرها أو إيجاد منطقية حدوثها ثانياً.
لتكون الظواهر أكثر تجريداً من أي افتراضات مسبقة أو تصورات خارجية تخل بفهمها - فتظهر فقط كما بدت أول ما بدت في حيزها وانعكاسها في الوعي المُدرك حدوثها - ما يجوز تعميمها وإن كان مصدرها ذاتياً.
وإلا فغير ذلك - عندما تنطلي الظواهر بافتراضات مسبقة مأخوذة من تجارب ذاتية غير ناضجة بوعيها كفاية فيختل الإدراك بها، وتبدو الظواهر في الوعي بغير ما هي عليه. وقد يدرك بنحو خاطئ تماماً ظاهرة ما.
(كم كنت تظن شيئاً بدا لك، ثم تدرك أنه على غير ما بدا لك أولاً). بلا شك كثير. فزاوية النظر للشيء قد تمنحه فهماً مغايراً - فوق ذلك التجربة الذاتية (من لدغه الدبيب، يخاف ... المثل). فمثل هكذا وعي يجب أن لا يؤثر على إدراكنا لماهية الحقيقة. , ولكن كيف ننفك من مشوهات الادراك ـ
إن صادف هذا النص قارئ ما, و واصل بالقراءة لهذة الفقره مما كُتب, عليه أن يأخذ بكلامي حيال هذة التجربة : أن لا يعيد القراءة مجدداً , ولا مرة أخري فيمابعد . وأن يغتنم الفرصه بدلا من ذلك في خلق تواصل بينه وبين ذاته بدون إختيار موضوع محدد للحديث ولا تحديد "غرض" سوي إن يجب أن تفعل ـ بلا اجبارِ ما سوي إكراهات الموضوع.
▌│█▌║▌║▌▌║█│
---
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق